القائمة الرئيسية

الصفحات

عن سيناريو الشر والأهوال الكارثية لرعد الصحراء؟!

عن سيناريو الشر والأهوال الكارثية لرعد الصحراء؟!


( إذا هلك سعد لن ينجو سعيد )
فكل الهشيم العربي مهدد بالنيران..




عند كتابة هذه السطور كان العالم يضع يده على قلبه تحسباً من الضربة الأمريكية التي تهدد العراق والمنطقة بأسرها، سيما وأن السيناريوهات المتداولة تشير كلها إلى نتائج كارثية، سواء على العراق المهدد بمأساة لا حدود لها تبدأ بالقصف الجوي المدمر الماحق لكل  شيء ولا تنتهي بإشعال نيران الفتن والإقتتالات الداخلية الجارَّة للتدخلات والأطماع الخارجية من كل حدب وصوب.. أم على المنطقة التي ستتحول بكاملها إلى مسرح دموي للنزاعات الإقليمية والشروخ الاثنية والمذهبية والطائفية.. فلا يقر لها قرار وتسكن نار، إلا بعد أن يستتب الأمر في النهاية لسيطرة أمريكية - صهيونية مطلقة ومطبقة من أعالي النيل إلى عمق آسيا الوسطى..
سيبدأ الأمر بتوجيه ضربات قاصمة لكل معالم الدولة العراقية من جيش وإدارات  ومصانع وجسور ومحطات كهربائية ومائية ومنشآت نفطية وغازية في الوقت نفسه الذي تصدر فيه الإيعازات لمجاميع المرتزقة والمنشقين والمعارضين الذين يجري حشدهم على مقربة من الحدود سواء في تركيا والأردن والسعودية والكويت وإيران أم في "محميات" الشمال والجنوب.. ليجري إستعمال هذه المجاميع بعد القصف الجوي والبحري الأمريكي - البريطاني لإشعال نيران الفتنة والإقتتال وتفعيل طاقات الجوع المفروض بالحصار منذ سبع سنوات، بحيث تتوالد النيران في مختلف أصقاع العراق.. وبعد ذلك مباشرة تبدأ القوى الخارجية العربية والإقليمية والدولية بالتمدد داخل الأرض العراقية وبين جيوب الغثن وفق المخطط المرسوم: تركيا في الشمال والسعودية والكويت وإيران في الجنوب والأردن في الغرب..
ويكون من نتائج هذه الكارثة أن يكتمل الطوق حول العنق السوري بعد الإجهاز على العمق العراقي.. فتصبح بلاد الشام بين أنياب الحلف الإسرائيلي - الأمريكي - التركي - الأردني، ويصير إشعال الحرائق سواء في لبنان عن طريق جنوبه، أو في سورية عن طريق شمالها، في متناول أيدي أصحاب هذا الحلف..
من غير المستبعد في هذا المناخ أن يصل نتنياهو في إرتداده على إتفاق أوسلو إلى إقتحام مناطق السلطة الوطنية والعودة بالإحتلال إلى الأماكن التي إنسحب منها وتفعيل "ترانسفير" جديد للفلسطينيين بإتجاه الأردن الزاحف شرقاً في الاراضي العراقية فيتكامل الإستيطان في الضفة وغزة مع التوطين في مناطق شرقي النهر..
بهذا السيناريو تستكمل أمريكا سيطرتها على المنطقة بكل ما فيها من طاقات وخيرات وكيانات هشة هزيلة محتمية بالبسطار العسكري الأمريكي.. ثم تنتقل الأحداث والمؤامرات والمعارك إلى مناطق "الخليج النفطي" الجديد في بحر قزوين، إذ يتحول دور إيران في جنوب العراق أوفي أفغانستان مبرراً للعدوان عليها وضمان التغييرات المناسبة داخل تضاريس "الاكليروس" الحاكم فيها، لصالح الهيمنة الأمريكية..
وما من شك أن رؤية روسيا والصين لمخاطر هذه القفزة الإستراتيجية الأمريكية، هي التي تحرك رفضها الحالي للتهديد الأمريكي الموجه ضد العراق.. الأمر الذي وصل بالرئيس يلتسن نفسه للتحذير من حرب عالمية ثالثة نتيجة للتحركات الأمريكية ضد بغداد..
وعلى ضوء ما تقدم يصبح منطقياً طرح السؤال التالي: ولكن ماذا سيحدث في حال تراجعت الولايات المتحدة على تهديداتها وتم الوصول إلى تسوية للمشكلة الراهنة مع العراق؟
في الحقيقة إن "الحل السلمي" الوحيد الذي تطرحه أمريكا هو التسليم بنتائج هذا السيناريو دونما قتال.. أي بالإذعان العراقي والعربي والدولي لسيطرتها على المنطقة وتفردها بها وبخيراتها وخرائطها، على أن يظل سيف التهديد العسكري مسلطاً على رؤوس حكامها وشعوبها.
ويجب أن نعترف بأن الولايات المتحدة لم تصل بالمصادفة إلى هذا الموقع ذي الصلاحيات المطلقة حرباً أو سلماً، ولا حتى بسبب إنهيار المعسكر الإشتراكي.. بل قبل ذلك من خلال نجاحها في فرض خطوطها الحمراء على الحكام العرب.. وأبرزها ما يلي:
  1.  إقناعهم بأن الخطر الرئيس الذي يتهددهم هو شعوبهم. ومساعدتهم على فرض الديكتاتورية المطلقة من المحيط إلى الخليج..
  2.  وأن هذا الأمن لا يمكن تحصينه إلا ضمن نطاق الدولة القطرية.. فالإنفتاح العربي - العربي، مهما كانت درجته، يشكل رافعة للمطامح الشعبية ومحركاً لنضالاتها..
  3.  عزل النفط عن أي دور قومي حقيقي وتوظيف بعض عائداته في خدمة الإستبداد والقطرية، وتمويل البرامج الأمريكية وأدواتها في المنطقة.. وحتى خارجها.
  4.  ترسيخ الفصل بين سورية والعراق، أياً كانت ذرائع هذا الفصل وأسبابه.
  5.  تحريم أن تكون ليبيا عمقاً حقيقياً لمصر..
  6.  تجريد الثورة الفلسطينية من أي عمق قومي، وسوقها بكل أشكال المطاردة المادية والمعنوية لحشرها ضمن الحدود الدنيا المتاحة من صيغ التسوية..
وكل ما عدا ذلك يبقى مجرد تفاصيل في بنية هذا النظام العربي المتآكل الذي إستمرأ الإرتهان لأمريكا والإطمئنان إلى حمايتها، حتى تأكدت أنه أينع وحان قطافه، فجردت عليه حملة تصفوية شاملة تطال الحكام والشعوب والكيانات في وقت واحد..
وما عاد بالإمكان وقف هذا الزحف الإستعماري الجديد إلا بإنتفاضة شاملة يبدؤها الحكام بالمصالحة الفورية مع شعوبهم فتنهض هذه الأمة بكل قواها وطاقاتها لردع الهجمة  الجديدة قبل أن يفوت الأوان..
وبغير ذلك لن تكون نجاة حتى للحكام الذين يخافون من عقد مؤتمر قمة، وينتظرون الإذن من واشنطن لمخاطبة بعضهم البعض بالتلفون.. وهذه المرة لن ينجو سعد إذا ما هلك سعيد(1)، فكل الهشيم العربي مهدد بالنيران!
"التحرير"

(1) إشارة إلى المثل القائل "انج سعد فقد هلك سعيد"!

تعليقات