القائمة الرئيسية

الصفحات

نعم.. لعدم المصادقة على أحكام الإعدام في فلسطين

ماذا تريد "الأمنستي" من وراء حملات العويل والتباكي  على حقوق الإنسان في فلسطين؟!

نعم.. لعدم المصادقة على أحكام
الإعدام في فلسطين



لايختلف إثنان، بأن الشرارات الأولى لبدء حرب الخليج، قد إشتعلت، عندما أقدم العميل القاتل "حمزة أبوزيد" على إرتكاب جريمة إغتيال القادة الشهداء.. صلاح خلف "أبوإياد"، وهايل عبد الحميد "أبوالهول"، وفخري العمري "أبومحمد"، في تونس قبيل ساعات من تنفيذ التهديد الأمريكي، وإندلاع أوار تلك الحرب الشريرة، التى تجرعت مرارتها أمم وشعوب ودول لاحصر لها، وكان من أبرز ضحاياها الشعب الفلسطيني، ومن اجل أن يبقى الدولار الأمريكي سيد الموقف بلا منازع حتى يومنا هذا!!.
في تلك الأيام الماضية.. داست جنازير الدبابات أجسادنا، وهوت  على رؤسنا مجنحات صواريخ كروز، وقصفت طائرات الشبح الأمريكية وهرست بين الإنقاض كل ما يمكن الإصطلاح على تسميته حقوق الإنسان والحريات الأساسية، والحقوق الفردية والجماعية للشعوب والأمم.
في تلك الأيام الماضية.. لااعادها الله علينا، وبعد أن توج إنتصار، قوات التحالف الأطلسي وحلفاء حفر الباطن، بتحرير الكويت من الإحتلال العراقي، والغزو الفلسطيني، أعطيت الإشارة وأطلق العنان لمليشيات آل الصباح، وفرق الموت التابعة لها بأن تنفذ مجازرها الجماعية على مرأى ومسمع هذه القوات "عرباً وأطالسة" بحق أبناء الشعب الفلسطيني والعراقي والسوداني واللبناني والمصري، وحتى عربان "البحرين" طالهم إنتقام سيف البداوة الثأري.
إثر كل ذلك وبعد أن تم تنظيف الكويت من كل الغرباء والشوائب البشرية.. وهي بالمناسبة عملية "كوريتاج" أشرف على أدق فصول تنفيذها، كما نذكر السفير الأمريكي في الكويت، وقيل وقتها.. أنه من أصل فلسطيني، لإضفاء أجواء من الإثارة والمفارقة على المشهد الدموي السادي!!.
حينها.. جاء دور منظمات حقوق الإنسان الدولية، وكذا الصليب الأحمر الدولي، الذين هبوا لتقديم النجدة والعون لذوي الضحايا من خلال قيامهم بنبش القبور الجماعية، لمعرفة هوية القتلي وعددهم، وجنسياتهم، وكذا التعرف على من تم دفنه حياً في زنازين هي أشبه بالقبور!!.. فيما قامت مجموعات أخرى بإعداد مخيمات صحراوية جديدة على الحدود الأردنية لمن كتبت له النجاة!!.
في تلك الأيام الماضية، كتبت تقارير ومجلدات وأنتجت أفلام تلفزيونية وكُتبت وثائق وشهادات حية ومانشيتات في أهم الصحف الدولية وأكثرها إنتشاراً، صورت أدق التفاصيل عن تلك الجرائم الوحشية التي أرتكبت بحق أبرياء وبدم بارد.. ولكن حدث كل ذلك بعد وقوع الجريمة، وبعد فوات الأوان!!... فهل كانت تلك المفارقة مصادفة محضة .. ربما!!.
وسط تلك الأجواء المحمومة.. وفي موازاة كل ذلك، أذكر فيما أذكر أن منظمة العفو الدولية "الأمنستي" نظّمت في تلك الأيام الماضية، زيارة لوفد كبير برئاسة أمينها العام السابق "إيان مارتن" إلى تونس، وقد قمت شخصياً بترتيب مقابلة للوفد مع الأخ الرئيس ياسر عرفات الذي إستقبل الوفد الضيف وإحتفي به وأقام له مأدبة عشاء، تكريمية.. وخلال ذلك اللقاء الذى حضره من الأمنستي السيد "هاني مجلي" -الذى أصبح يعمل  فيما بعد منسقاً لبرامج "الفورد فونديشن" في المنطقة، وممولاً رئيسياً لبرامج الـ NGO’S في بلادنا وموجهاً لها من خلال مكتبه في القاهرة، لم يطرح أي سؤال جوهرى عن الإحتلال الإسرائيلي وجرائمه، وتمحور حديث الأمنستي حول محاكمة القاتل العميل "حمزة أبوزيد" وإعدامه وكيف تم ذلك، وأين، وهل تمتع القاتل بحقه في توكيل محام، وهل كانت المحاكمة عادلة وعلنية.. وأخيراً.. لماذا حكم بالإعدام؟‍!.
حينذاك رد الرئيس عرفات، وبلغة الإنسان الواثق والمسؤول على سؤال "الأمنستي" بقوله: لدينا شريط فيديو عن المحاكمة سوف نزودكم به.. أما بخصوص عقوبة الإعدام، فعليكم أن تعلموا إننا لم ننفذها في لبنان، عندما كانت غابة من البنادق والحرائق المشتعلة، سوى مرة واحدة، وبحق أحد العاملين في مكتبي، ممن نجح "الموساد" في تجنيده في ذلك الوقت، وحتى لانسجل سابقة، وكان قراراً جماعياً من قيادة القوات الفلسطينية - اللبنانية المشتركة".. وهو قرار ملزم لنا في ذلك الوقت.
** اليوم، وبعد مضي سنوات خمس على ذلك اللقاء في تونس، وبعد أن عدنا إلى أرض الوطنى المسيّج بالإحتلال والبنادق، تعاود "الأمنستي" ومعها كل فرق البكاء والعويل على حقوق الإنسان، لتنظيم حملاتها الدولية بتوقيت مدروس ومنظم ومبرمج، بدعوى الدفاع عن حقوق الإنسان المنتهكة في مناطق السلطة الوطنية الفلسطينية، لتصرف الأنظار عن سياسة "حافة الهاوية" التى تنفذها حكومة الإحتلال الإسرائيلي بهدف الإيقاع بالشعب الفلسطيني تحت إحتلال دباباته وجيشه المدجج بالسلاح المحرّم من جديد.
ترى ما جدوى كل هذا الصراخ والعويل ولمصلحة من؟ وما هي أهدافه المعلنة والمبيتّة؟ ذلك هو السؤال المثار الذى نعرف جوابه سلفاً.. أما ما يتعلق بالمصادقة على أحكام الإعدام، فليطمئن "الدعاة" فإنها لن تحدث، ويكفي الرئيس المنتخب ياسر عرفات فخراً، إنه لم يصادق على أيّ حكم إعدام أصدرته المحاكم الفلسطينية حتى كتابة هذه السطور، وذلك إنطلاقاً من إيمانه الشديد بأن الحق في الحياة، هو من أقدس الحقوق الإنسانية، وقد علمنّا جميعاً أن نناضل من أجل ان نصنع الحياة لنا ولغيرنا من بني البشر.

ويكفيه مجداً وبحكم تملكه للحواس العشر، أنه الأقدر منا جميعاً على وئد الفتنة قبيل ظهورها.. وقديماً قالت العرب: الفتنة أشد من القتل؟!.

تعليقات