القائمة الرئيسية

الصفحات

في ظل مؤتمر مدريد شطبت أميركا القرار الدولي بإدانة الصهيونية كحركة عنصرية وفاشية؟!

في ظل مؤتمر مدريد شطبت أميركا القرار الدولي بإدانة الصهيونية كحركة عنصرية وفاشية؟!
محاولة أمريكية جديدة لشطب اسم
"الاحتلال الإسرائيلي" من لغة التداول في الأمم المتحدة؟!

أثمرت النتائج الكارثية لعدوان "عاصفة الصحراء" أن فرضت الولايات المتحدة شروطها على الحكام العرب، وجرجرتهم بقوة عصاها إلى مسارات مدريد لتسوية الصراع العربي - الصهيوني، على النحو الذي عايشته المنطقة حتى يومنا هذا.
ويمكننا القول بأن نجاح أميركا وحلفائها خلال تلك الفترة في شطب قرارات الأمم المتحدة التي وصمت الصهيونية بالاجماع، كحركة عنصرية وشكل من أشكال التمييز العنصري والأبارتهيد، كانت البوابة المشرعة أمام إسرائيل لأن تتحول بين ليلة وضحاها من سلطة إغتصاب محتلة ومعتدية، إلى دولة جوار، بل تمادى بعض "اليعاربة" في إنصياعهم التسووي والتصالحي إلى حد إعتبارها دولة شقيقة يربطنا بها جّدٌ واحد، ونتيجة لذلك كرت مسبحة المهرولين سعياً للتأسيس لنظام شرق أوسطي جديد تكون "إسرائيل" أحد أعمدته الأساسية، في ظل نظام العولمة والخصخصة الذي تطمح أميركا لإرساء قواعده بعد أن سلم لها العالم على مضض مقاليد قيادته المطلقة خلال الحقبة القادمة.
لذلك لا يمكن بأي حال فصل إتفاقات أوسلو وما تبعها عن هذا المسار التسووي الذي فرضته نتائج حرب وأزمة الخليج وهرولة أطراف تحالف حفر الباطن نحو مدريد وغيرها من المسارات التصالحية والتطبيعية لتطويق الشعب الفلسطيني وقيادته الوطنية بخيارات الأمر الواقع والمرير.. وهي بالضرورة خيارات لم تكن فلسطينية!!
وفيما كان العالم يقف على أطراف أصابعه مرعوباً من أخطار سيناريو الشر الذي أعدته للولايات المتحدة الأميريكية لإستكمال الضربة العسكرية المدمرة ضد العراق فيما أسمته بعملية "رعد الصحراء".. كانت الماكينة الصهيونية والأميريكية تعمل بأقصى طاقتها لحشد الحلفاء وأدوات الضغط مستثمرة أجواء التسويات والمصالحات والتطبيع من أجل شطب إسم "الإحتلال" من لغة التداول في إطار الأمم المتحدة ومنظماتها الإقليمية، بكل ما يترتب على ذلك من شطب وتعديل لقرارات ومواثيق ومعاهدات دولية إتخذت على مدار سنوات الصراع تدين الإحتلال الإسرائيلي ونتائجه، وسياساته وممارساته على الأرض الفلسطينية، وترفض جواز مبدأ الإٍستيلاء على أرض الغير بالقوة المسلحة الغاشمة، وتؤيد حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، وفي مقدمتها حقه في تقرير المصير، والعودة، وإقامة دولته الوطنية المستقلة وعاصمتها القدس.
وكانت طهران أولى محطات الإختبار كي تمرر الولايات المتحدة توجهاتها الجديدة بشطب إسم الإحتلال" من التداول خلال المؤتمر الإقليمي السادس لدول آسيا والباسفيك الذي نظمته لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في مطلع هذا العام .. وقد ساعد في هذا الإختراق الإستراتيجي تواطؤ وفود دول مثل إيران والهند، وصمت الدول العربية الآسيوية وبخاصة الخليجية منها، ولم تجد نفعاً إحتجاجات الوفد الفلسطيني!!
وخلال الشهر الماضي وأثناء الإجتماعات السنوية التي تعقدها لجنة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة في جنيف، سعت الولايات المتحدة، والوفد الإسرائيلي إلى ممارسة ضغوط إسثنائية لشطب بند "الإحتلال الإسرائيلي" وانتهاكاته لحقوق الإنسان الفلسطيني والعربي في المناطق الفلسطينية والعربية المحتلة من جدول الأعمال تحت دعاوى السلام وأجواء السلام في المنطقة؟! وبهدف إضفاء الشرعية الدولية على إحتفالات "إسرائيل" بنصف قرن على قيامها وقد وفشلت الولايات المتحدة وإسرائيل وحليفتهما "قرغيزيا" من قطف ثمار الفوز الذي تحقق في طهران، وصدرت قرارات جنيف متضمنة إدانة الإحتلال الإسرائيلي وانتهاكاته وفي المقدمة منها سياسة قوننة التعذيب الذي أقره الكنيست كأسلوب مشروع وقانوني ترتكبه إسرائيل وجلاديها بحق المعتقلين الفلسطينيين والعرب في سجونها.
وتلا ذلك إدانة جديدة لإسرائيل أصدرتها لجنة مناهضة التعذيب في الأمم المتحدة خلال إجتماعاتها التي عقدتها الأسبوع الماضي وطالبتها فيه بإلغاء قانون التعذيب باعتباره إنتهاك صارخ وخطير لحقوق الإنسان، ومن المحرمات الدولية التي لايجوز السكوت عليها!!
وقد ردت دولة الإحتلال على هذه الإدانة الدولية الجديدة، بأن منعت للمرة الثلاثين اللجنة الدولية المنبثقة عن الأمم المتحدة للتحقيق في إنتهاكات إسرائيل لحقوق الإنسان في المناطق العربية والفلسطينية المحتلة من زيارة المناطق المحتلة خلال الشهر القادم، وهو تقليد درجت "إسرائيل" على إتباعه منذ إحتلالها لسيناء والجولان والضفة الفلسطينية وقطاع غـــزة عام 1967، تأكيداً على إستهتارها وتحديها للأمم المتحدة ومنظماتها ورفضها السافر والدائم لقراراتها!!
ولعل ما هو أخطر من ذلك كله، هي المحاولات المحمومة التي تبذلها إسرائيل واللوبي الصهيوني في أميركا وأوروبا هذه الأيام للضغط على سويسرا -الدولة الحيادية- والتلويح لها بقضايا الأموال التي تم تهريبها إلى  البنوك السويسرية أبان الحقبة النازية، مقابل موافقة سويسرا الإتحادية على تعديل إتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 بما يضمن شطب صفة الدولة المحتلة عن "إسرائيل" ويحررها من المسئولية الدولية الملزمة لها في المناطق المحتلة.. لقد نجحت الحكومة الإسرائيلية بدعم من حكومة الولايات المتحدة الأمريكية في إستدراج الرئيس السويسري  إلى هذا الفخ خلال زيارته الأخيرة لإسرائيل.. فهل يتمكن الفلسطينيون ومعهم الأشقاء العرب، والأصدقاء، من مواجهة هذا التحدي خلال الإجتماعات المقررة للبحث في هذا الموضوع والسابقة الخطيرة في شهر حزيران القادم في جنيف.
ذلك هو الخط الأحمر الذي لايجوز تجاوزه فالإحتلال مازال هو الإحتلال.. و"دولة الجوار"، مازالت بعد خمسين عاماً من الإغتصاب والعدوان والحروب المستمرة، آله جهنمية للحرب.. وعدو رئيس للسلام.


فعلى من تتلو مزاميرك ياداوود؟!                           رئيس التحرير

تعليقات