القائمة الرئيسية

الصفحات

وأخيراً: إسرائيل وقيادتها في قفص الإتهام أمام المحكمة الدولية كمجرمين حرب؟!

وأخيراً:  إسرائيل وقيادتها في قفص الإتهام أمام المحكمة الدولية كمجرمين حرب؟!
قانون دولي جديد للحد من الجرائم ضد الإنسانية ومحكمة دولية أخرى لمحاكمة مجرمي الحرب!!
فيما تستعد البشرية لوداع الألف الثاني للميلاد، وإستقبال الألفية الثالثة بالترقب والأمل والرجاء.. تحتفل الأمم المتحدة في خريف العام القادم بالذكرى الخمسين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان متوّجه هذا الإحتفال، بإنتصار جديد حققته القوى المحبة للعدل والحرية والسلام، من أجل صون الكرامة الإنسانية، والدفاع عن حقوق الإنسان والشعوب المنتهكة من جانب أعداء الشعوب والإنسانية، من القوى الإستعمارية المستبدة في العالم، ونموذجها الإحتلالي الصارخ والبشع "إسرائيل".
فقد تمكن المجتمع الدولي وقواه الحية على المستويين الحكومي وغير الحكومي، وبعد أكثر من عشر سنوات من المؤتمرات الدولية والإقليمية واللقاءات والإجتماعات داخل منابر الأمم المتحدة ومنظماتها المتخصصة وخارجها، من إنتزاع الفوز والظفر بإقرار مسودة قانون دولي للجرائم ضد الإنسانية، وإنشاء محكمة دولية لمحاكمة مجرمي الحرب، وذلك خلال خمسة أسابيع من الإجتماعات المتواصلة بدأتها في منتصف حزيران الماضي في العاصمة الإيطالية روما، وشارك فيها رجال قانون وقضاة وديبلوماسيون يمثلون 150 دولة وبمشاركة مندوبين عن 230 منظمة غير حكومية  معنية بحقوق الإنسان.
وإذا كان من حق النشطاء العرب العاملين في ميدان حقوق الإنسان، أن يفاخروا بأن الوزير العربي اللبناني شارل مالك، كان من بين أولئك الرواد الذين صاغوا مسودة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان قبل أكثر من نصف قرن مضى.. فإن ما أعده د. محمد بسيوني الخبير القانوني المصري، الذي صاغ بتكليف من الأمم المتحدة المسوّدة الأولى لوثيقة القانون الدولي للجرائم ضد الإنسانية في 200 صفحة، هو أيضاً إنتصار جديد للبشرية بشكل عام، ولقضية فلسطين وشعبها بشكل خاص، وتكريس أصيل للمواثيق والعهود والإتفاقيات الدولية التي أقرتها الأمم المتحدة لصيانة وضمان الحقوق الأساسية الفردية والجماعية للإنسان والشعوب، وفي مقدمتها حق تقرير المصير، بإعتباره أصل الحقوق الإنسانية.
سلطات الإحتلال الإسرائيلية إعتبرت هذا الإنجاز الدولي، الأخطر منذ قرار الأمم المتحدة بوصف الصهيونية بالعنصرية، وبعض المسؤولين الإسرائيليين قال بمرارة: لقد إحتجنا 17 عاماً لإلغاء قرار عنصرية الصهيونية، فكم عاماً سننتظر حتى نقنع الأمم المتحدة بإلغاء قرارها بإعتبار الإستيطان اليهودي كجريمة حرب دولية، وعندما سيسافر شمعون بيرس إلى أوروبا هل سيحظى بالإستقبال الذي يحظى به الحائز على جائزة نوبل للسلام أم بالإستقبال الذي يحظى به مجرم مسؤول عن إقامة وتعزيز المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية وقطاع غزة. أما إيلي لينداو فقد حث في صحيفة معاريف كل إسرائيلي وكل يهودي على الثورة ضد هذا القرار والسعي لإبطاله، ومما جاء في مقالته "تاج مجرم الحرب".. نحن نضرب بعضنا البعض، وأعداؤنا فرحون.. الأسرة الدولية تحدد بأغلبية كبيرة، أن كل من يقيم بيتاً في شرقي القدس هو مجرم حرب، لذلك أنا الذي بنيت بيتاً في هرتسليا مجرم حرب ايضاً. ويضيف: إن المحكمة الدولية الجنائية التي ستقام حسب القرار ستحكم على كل رؤساء حكومات إسرائيل: إسحق رابين، شمعون بيريس، وإسحق شامير وغيرهم من الذين شجعوا الإستيطان في أنحاء إسرائيل، أنهم مجرمو حرب، ناهيك عن الوزير شارون الذي قاد في مطلع الثمانينات عملية الإستيطان الكبيرة.. هؤلاء إذاً مجرمو حرب.
اما الهستيريا على الجانب الأميركي فقد عبر عنها رئيس لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس الأميركي جيسي جيمس بقوله: هل يمكن للولايات المتحدة أن تقبل بإحالة جنودها المحترفين إلى المحاكمة خارج الولايات المتحدة، وبموجب قوانين غير القانون الأميركي.. وعلى سبيل المثال هل توافق الولايات المتحدة إحالة وزير دفاعها في ذلك الوقت روبرت ماكنمارا إلى مثل هذه المحكمة، وكان بذلك يشير إلى جرائم حرب الإبادة في فيتنام، وغزو جرينادا وبناما والبهاماس وتلغيم شواطىء نيكاراغوا، وقصف ليبيا جواً، وقبل ذلك الحصار الأميركي لكوبا والمستمر منذ أكثر من ثلاثين عاماً.. وهناك ثمة تحفظات صدرت من عدد آخر من الدول مثل فرنسا وكندا ولكنها كانت أقل خشونة من الموقفين الإسرائيلي والأميركي.
إن قراءة نتائج التصويت على الميثاق الدولي والنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية تعكس الأهمية البالغة لهذا الإنجاز التاريخي.. فقد صوتت إلى جانبه 120 دولة من أصل 160 دولة، وعارضه سبع دول هي: إسرائيل، الولايات المتحدة الأميركية والهند والصين وفيتنام وقطر والبحرين مع إمتناع 21 دولة عن التصويت، وتغيّب 12 دولة أخرى.
فلسطينياً، لم يحظ هذا الإنجاز الكبير بالإهتمام على الصعيدين الحكومي وغير الحكومي.. حتى النشطاء الذين شاركوا في أعمال هذا المؤتمر، لم يكتبوا لنا عن إنجازاتهم التاريخية، وذلك بسبب نشاطاتهم السياحية وإنشغالهم الحيوي بالتسوق في دول أوروبا وبحر البلطيق!!
وإذا كان الزميل الكاتب هاني حبيب بحسّه المهني والوطني ككاتب ومناضل قد عبر عن مرارة وخيبة أمل حقيقية، في مقالته في صحيفة الأيام عن "حكاية البند الثامن للميثاق" الذي اقام "إسرائيل" ولم يقعدها، قد لاحظ أن الفلسطينيين، وبعد ثلاثة أيام لا يعلمون الكثير عن مؤتمر لجنة الأمم المتحدة في روما وقرارها إنشاء محكمة دولية لمحاكمة مجرمي الحرب.. بل أكثر من ذلك كان هناك غياب كامل لأية تغطية أو تحليل لإنعكاساته في وسائل إعلامنا!!.. فإن ما طرحه حبيب من أفكار لإستثمار هذا الميثاق في حملة مستمرة ضد الإستيطان والمستوطنين ومخططي سياسة الاحتلال الإستيطاني على الصعيد الدولي، وتفعيل دور لجان مناهضة الإستيطان.. وتحويلها إلى لجان عمل فعلي، عوضاً عن نشاطاتها ذات الطبيعة "التلفزيونية والإستعراضية" يستحق منا كل المراجعة والإستعداد لمواصلة نضالنا على هذه الجبهة السياسية والحقوقية، متسلحين بقرارات الشرعية الدولية على كافة الصعد الرسمية والشعبية.
لقد حققت ديبلوماسية منظمة التحرير الفلسطينية وممثليها في الأمم المتحدة إنتصاراً جديداً بمساعدة الدول العربية والصديقة وفي مقدمتهم جمهورية مصر العربية خلال الأسابيع الخمس الماضية في روما، وعلى فصائل منظمة التحرير الفلسطينية، وسلطتها الوطنية وأحزابها وقواها ومؤسساتها، وكذا المؤسسات الشعبية والجمعيات والمنظمات غير الحكومية أن تشرع في العمل الجاد والمسؤول محلياً وعربياً ودولياً للحفاظ على هذا الإنجاز وإستثمار هذا الفوز ومحاصرة مجرمي الحرب بقوة قرارات الشرعية الدولية ومراكمة هذه الإنتصارات السياسية في تحسين شروط المواجهة، وتعديل موازين القوى المختّلة على الجبهة السياسية والديبلوماسية وفي ميادين الصراع الاخرى.

وعلى الباغي تدور الدوائر
رئيس التحرير

تعليقات