القائمة الرئيسية

الصفحات

الغرانما الفلسطينية تواصل إبحارها نحو السييراماييسترا والأونكادا من جيفارا كوبا إلى جيفارا غزة:

الغرانما الفلسطينية تواصل إبحارها نحو السييراماييسترا والأونكادا من جيفارا كوبا إلى جيفارا غزة:

لتكن هناك أكثر من بؤرة للثورة

مع بدايات إنطلاقة الكفاح المسلح الفلسطيني، أبدى القائد الثوري الكوبي ارنستوتشي جيفاراً رغبة صادقة وملّحة، للتعرف على رموز وقادة الحركة الوطنية الفلسطينية حينذاك،  والإطلاع منهم على آفاق ومعالم التجربة الكفاحية للشعب الفلسطيني، ورؤيتهم لخريطة الصراع ووسائل وطرق حسمه.
وخلال زيارته للجزائر والقاهرة، جرت معه لقاءات متعددة، كان من نتائجها أن عقد العزم على زيارة أرض الصراع، للتعرف عن قرب على الخريطة الجغرافية، فكانت زيارته التاريخية إلى غزة، ولقائه برجالاتها ورموزها المناضلة وجولاته على مخيمات اللاجئين، وإطلاعه على تجربة تشكل نواة جيش التحرير الفلسطيني والخلايا السرية للفدائيين.
ومن أرض غزة، إزدادت قناعة ذلك القائد الثوري الممارس بشعاره المبدئي:
لتكن هناك أكثر من بؤرة ثورية في مواجهة الإمبريالية والصهيونية وعملائهما، ومن أجل خلاص الشعوب المستعبدة والمستعمرة وتحررهما وإستقلالهما.
ونتيجة لذلك الفهم المبكر والمتعارض مع إمكانية التعايش مع الإمبريالية أو مقولة الإستهانة بالإمبريالية وسهولة الإنتصار عليها بزعم أن الإمبريالية نمر من ورق..  إتسعت هوة إفتراق "تشي" أيضاً مع فكرة الحياد الإيجابي وعدم الإنحياز، ودعاة بناء صروح للسلام العالمي، والتعايش السلمي، بهدف تقاسم النفوذ الكوني، وإحتواء بؤر الصراع الحاد بين القطبين الرأسمالي والإشتراكي في العالم.
ومنذ أن غادر " تشي" موقعه مبكراً في قيادة السلطة الثورية الكوبية الفتية، ساعياً نحو خلق أكثر من بؤرة ثورية في جمهوريات الموز، وتطبيق شعاره المشهور.. ثورة في الثورة، إنطلاقاً من سلسلة جبال الأنديز في أميركا اللاتينية، حلّت لعنة الكومنفورم وإحزابه، على ذلك الثوري المغامر الذي بات يهدد فكرة التعايش السلمي، وإمكانية التحول الديموقراطي، من أجل إنتصار قيم الإشتراكية ووصول أحزابها إلى السلطة سلمياً.
وسرعان ما إنتقلت عدوى لعنة "النزعة الجيفارية المغامرة" لتحل على رؤوس الفدائيين الفلسطينيين وتجربة كفاحهم المسلّح، الذي بات يشكل في نظرهم، بؤرة توريط، وعائق أمام هدف إزالة آثار العدوان سلمياً، ونزع فتيل بؤر التوتر وإمكانية إحتواء الصراع في العالم على طاولة المفاوضات بين الجبارين!!.
ولم يمض طويل وقت، على تلك الحقبة الكفاحية حتى غُيّب عبد الناصر، ومعه جيل من قادة أنظمة  حركة التحرر في العالم الثالث، وفقدت الثورة الفلسطينية ساحات إنطلاقها الأساسية بدءاً من بؤرة غزة التى كان يحكمها الفدائي في الليل، إلى قاعدة الإرتكاز في الأردن وسورية ومن ثم مصر... وفي ظل تلك الكوارث والهزائم، شهد العالم بالتصوير البطيء ليلة مصرع جيفارا ومجموعاته في أحراش جبال الأنديز في بوليفيا... لينتهي عندها حلم "تشي" ورفاقه، بإمكانية خلق أكثر من فيتنام في العالم.. وبقينا نجتّر الذكريات المرّة ونستمع سراً ومن خلال كاسيتات مهربة لصوت الثائر المغني الشيخ إمام وهو ينشدنا بمرثيته عن هول فجيعته بأن "جيفارا مات.. ولكن موتة رجال"!!
وأمام مشهد الإرتداد السوريالي في حلبة الصراع، وبعد أن فقد حلف وارسو الإشتراكي كل مكامن قوته وسقط بطلقة رعناء من مسدس غورباتشوف المبرمج في لعبة الروليت الروسية.. وأضحت "لعبة الأمم" هي قدر شعوب وأمم ودول في هذا العالم، المحاصر من شواطيء الكاريبي حتى شط العرب والمتوسط، أمام كل ذلك ماذا يمكن أن نقول ونكتب ونعمل، في ظل هذا الإنهيار الكبير، والإرتداد الأكثر فجيعة ومأساوية!!.

لعل الوفاء الذي مازالت تختزنه كوبا الثورة للأفكار وللقيم الإنسانية التي ضحى من أجلها "تشي" ورفاقه من جيل الثوريين الممارسين، فيه بعض الأجوبة على الأسئلة الملتبسة، ولا نملك نحن الفلسطينيين إلا أن نردد ونتمسك بكلمات رئيسنا الفدائي على معاتبة رفيق التشي.. كاسترو بعد أوسلو، عندما أجابه: "أنني أعود ياصديقي  مبحراً في الغرانما إلى السييراما ييسترا الفلسطينية.. ولا خيار لنا غير ذلك.. الوطن.. ولا شئ إلا الوطن، الذي لاوطن لنا سواه". ومن أرض الوطن تبدأ مسيرة الألف ميل إلى المستقبل.

تعليقات